بنار الزيت المعاد تدويره.. سكان غزة يبتكرون بدائل للبقاء أحياء تحت الحصار
بنار الزيت المعاد تدويره.. سكان غزة يبتكرون بدائل للبقاء أحياء تحت الحصار
اضطر أهالي قطاع غزة إلى البحث عن بدائل للطهي بعد نفاد أسطوانات الغاز وتقلّصها بشكل كبير، في ظل حصار خانق وشلل مستمر للخدمات الأساسية، وظهرت فكرة استخدام زجاجات زيت الطهي المستعمل كوقود بديل، في محاولة لاستمرار الحياة اليومية وسط ظروف معيشية صعبة، وهذا المشهد يعكس واقع السكان الذين يواجهون معضلة استمرار الحياة في ظل نقص المحروقات وغياب الدعم الكافي للقطاع.
يعتمد الموقد البدائي على حجرة احتراق معدنية صغيرة مجهزة بفتحة للهواء، ويعمل بلهب منخفض يُغذّى بزيت الطهي المستعمل، كما يستخدم بعض الغزيين مجفف شعر كهربائي لضخ الهواء وضمان اشتعال ثابت، ويؤكد عبد اللطيف النمروطي، أحد القائمين على صناعة هذه المواقد في غزة، أن الموقد يوفر لهبًا ثابتًا يصلح للطهي داخل المنازل والمطاعم، ويعمل حتى بتيار كهربائي محدود، وفق وكالة قدس برس.
تكلفة وفائدة البدائل
تتراوح أسعار هذه المواقد بين 300 و500 شيكل حسب الحجم، وهو مبلغ لا بأس به في ظل الدخل المحدود للسكان، لكنه يظل أفضل من استخدام الحطب أو البلاستيك الذي يضر بالصحة وجودة الطعام، وأوضح النمروطي أن الإقبال على شراء هذه المواقد في قطاع غزة جيد، كون زيت الطهي متوافرًا أكثر من السولار الصناعي والحطب، كما أن الموقد البديل أقل تلويثًا للهواء ويسهل تأمين وقوده بشكل يومي.
تحديات الكهرباء
رغم نجاح الفكرة، تبقى الكهرباء العقبة الأكبر، إذ يعتمد الموقد على اشتراكات كهربائية محدودة من مولدات خاصة تعمل لساعات معينة فقط، ويقول النمروطي: "بتوقف الكهرباء يتوقف الموقد، ويُضطر أصحاب المطاعم لتعليق عملهم مؤقتًا"، ومع ذلك، خلقت صناعة المواقد مصدر رزق جديد للحرفيين العاملين في الحدادة، حيث يواصلون تطوير الموقد وفق احتياجات المستخدمين.
أم ياسر نصر، أم لسبعة أطفال، تشير إلى أن أسطوانات الغاز لم تعد تكفي حتى للأيام القليلة، ما يضطرهم للجوء إلى الحطب وبدائل المحروقات للطهي، وتضيف أن الموقد البديل ساعدهم على تجاوز جزء من الأزمة، لكنها تظل تعاني من عدم انتظام الوقود والكهرباء نتيجة الحصار الإسرائيلي، مؤكدة أن حياتهم اليومية تعتمد على الابتكار والتكيف المستمر مع الظروف القاهرة.
تجربة التجار في السوق
في السوق الشعبي، يعتمد بائع فلافل على موقد زيت الطهي لإعداد الطعام، موضحًا أن هذا الحل يقلل من الدخان مقارنة بالحطب ويُحسّن جودة الطعام، ويضيف: "نعيد تدوير زيت القلي بدل التخلص منه، ويوفر علينا شراء الغاز بأسعار مرتفعة، كما يضمن بيئة عمل أفضل للزبائن"، وهذا الابتكار يظهر قدرة السكان على الاستفادة من الموارد المتاحة في ظل أزمة شاملة.
حرب مستمرة وانتهاكات جسيمة
منذ 7 أكتوبر 2023، تعرض قطاع غزة لإبادة جماعية شنتها إسرائيل بدعم أمريكي وأوروبي، شملت القتل والتجويع والتدمير والتهجير والاعتقال، متجاهلة النداءات الدولية وأوامر محكمة العدل الدولية بوقف الهجمات، وأسفرت هذه الجرائم عن أكثر من 240 ألف شهيد وجريح معظمهم من الأطفال والنساء، إضافة إلى أكثر من 11 ألف مفقود ومئات آلاف النازحين ودمار شبه كامل لمدن ومناطق القطاع.
توضح تجربة الموقد البديل قدرة الغزيين على الصمود والتكيف مع الأزمات المستمرة، وتحويل الموارد المحدودة إلى أدوات للبقاء، ويظهر هذا الابتكار كيف يمكن للمجتمع المدني مواجهة أزمات الوقود والطاقة بطرق مبتكرة، رغم التحديات الاقتصادية والبنية التحتية المدمرة.
أمل متجدد
رغم الظروف القاسية، يواصل سكان غزة البحث عن حلول مبتكرة لتأمين حياتهم اليومية، مع الحفاظ على حد أدنى من الكرامة والاعتماد على النفس، ويأمل الغزيون أن تتحسن الأوضاع وأن يعود الغاز والكهرباء والوقود بشكل منتظم، خصوصًا في مواسم تحتاج فيها الأسر إلى طهي الطعام بانتظام، مثل شهر رمضان.











